كنت أتجوّل في شوارع البصرة، ومشهد البوسترات المعلّقة للمرشحين يشبه صور مقابر وادي السلام، لا فرق كبير بينهما. فمنهم من يتنافس بصدق لخدمة الناس، ومنهم من يعشق الكرسي، تلك المقبرة المؤقتة في عموم العراق، التي ستكون فراشاً مبثوثاً بعد الفوز أو الخسارة. فمنهم من سيكون عوناً، ومنهم من سيكون فرعوناً، ومنهم من سيعود من حيث أتى.

وفي خضم الدعاية الانتخابية التي تشهد تنافساً حاداً بين الفرقاء السياسيين، تراهم يقرأون دعاء الحنانيس أملاً في التحنّس للوصول إلى الحنوسي. والمثير للغرابة أن الكيانات السياسية التي حكمت منذ عام 2003 ما زالت بوجوهها ذاتها، وكأن لسان حالها يقول: تيتي تيتي مثل ما رحتي إجيتي.

أما بعض الوجوه الجديدة، فهي تُستغل لجلب الأصوات، وتتحوّل إلى أدوات بيد الكتل الكبيرة التي تتقن الاستفادة من المساكين وفق قانون سانت ليغو المعدّل.

وقبل أن أختتم النص، هناك في البصرة كتلة سياسية لأمين حنانيس محنّسة، تسعى جاهدة للتحنّس هنا لاستغلال أصواتهن ...