5
اكتوبر
2025
اتجار صامت بكرامة الإنسان... فمن المستفيد؟ جعفر محيي الدين _النجف
نشر منذ 4 يوم - عدد المشاهدات : 200

كـل مدينةٍ لها ملامحها الصباحية هناك من يخرج حاملاً أمل يومٍ جديد، وهناك من يبدأ نهاره على الرصيف، يمدّ يـده لمن لا يعرفه، بملامح تعبّر عن حكايةٍ أطول من عمره، مشهدٌ صار جزءاً من الذاكرة اليومية إلى حدٍ لـم يعد يثير الدهشة بقدر ما يثير الحزن! .

الوجوه التي نراها عند إشارات المرور، وأبواب المساجد وزوايا الأسواق ليست كلها وجوه فقراء، بل كثيرٌ منها ضحايا تُدار بهم تجارة خفية، تستغل حاجة الناس لتصنع منها مورداً ثابتاً لمن فقد ضميره.

خلف هذا المشهد شبكات منظمة تُنسج بخيوطٍ من الجشع واللامبالاة، تُتاجر بالإنسان قبل حاجته، وتشتري كرامته بثمنٍ بخس في سوقٍ لا رقابة فيه إلا من الله

وليس خافياً أن بعض الوافدين خلال المناسبات الدينية الكبرى ينجرفون أو (يُجرّون) إلى هذا الطريق، إمّـا طمعاً سريعاً في رزقٍ سهل، أو بتحريضٍ ممن يجيد إدارة هـذا المشهد القبيح وهكذا تتحول أيام الرحمة والعطاء إلى مواسمٍ للاستغلال ويُسرق وجـه المدينة في لحظةٍ من زحامٍ مقدّس.!!

السؤال المؤلـم.. هل يصعب على الجهات المختصة أن تضع حداً لهذه الظاهرة؟

أم أننا صرنا نتعايش مع التسوّل كما نتعايش مع الغبار؟

لـم يعد المشهد فقراً، بل صناعة ولم يعد استجداءً، بل مشروعاً يُدار بعقولٍ تعرف كيف تُخفي المال خلف دمعةٍ مستعارة.

إننا بحاجة إلى تحركٍ جاد، لا إلى بياناتٍ موسمية فالقضية لـم تعد أخلاقية فحسب، بل تمسّ صورة الوطن وهيبته، وتجرّد الإنسان من آخر ما تبقّى لـه (كرامته) .

كل يـدٍ تمتدّ في الطرقات، لا تطلب لقمة بقدر ما تذكّرنا بأننا في بلدٍ يستطيع أن يطعم الجميع، لكنه لـم يتفق بعد على من يستحق أن يأكل بكرامة.!

والمؤلم أكثر أننا صرنا نمرّ من أمام المتسول فنخفض نظرنا لا حياءً منه بل حياءً من واقعٍ صرنا نحن جزءاً من صمته.!

فيا لَسخرية المدن التي تغفو على أموالها... وتستيقظ على وجوهٍ تبيع الكرامة بــ الخردة.!

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار