28
يناير
2025
الزينة والجمال ..بقلم / علاء صابر الموسوي
نشر منذ 2 يوم - عدد المشاهدات : 46

يؤدي اللباس بالنسبة للإنسان دورين مهمين في الحياة ، فهو من جهة يكمل نظام الجسم الطبيعي ، لأن للجسم درجة وجود خاصة به ، بالنسبة لما حوله من ظروف طبيعية ، من حرارة وبرودة ورطوبة وتبخر ..الخ .

فاللباس هو الاحتياط الواقي الذي يحافظ على استقامة الجسم ، وحماية التعادل بينه وبين ظروف الطبيعة المحيطة به ، لذلك فالانسان يلجأ إلى اللباس فيغطي جسده ليحفظه من تلك المؤثرات الطبيعية ، والعوامل المؤثرة عليه .

وبالإضافة إلى هذه المهمة الصحية والجسمية للباس ، فإن له مهمة أخرى وهي مهمة الزينة والجمال ، وستر  عورة البدن ، وقبح العري الذي يظهر به الإنسان ، وقد اهتم الاسلام باللباس واعتنى بحسن المظهر ، وبالحفاظ على الأناقة والجمال عناية فائقة ، ولم يهمل القرآن الحكيم هذا الجانب من مستلزمات الحياة ، وضرورات الجسد وأشواق النفس إلى الزينة والجمال ، بل أكد على إقرارها والاعتراف للإنسان بحق ممارستها ، وعد تلك المتع نعمة من نعم الله تعالى ، فقال :

( يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتٍكم ) الاعراف /٢٦...

( قُل من حرم زينة اللهٍ التي اخرج لعباده ) الاعراف /٣٢...

(والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون *ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون )النحل/ ٥- ٦...

(وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها )النحل /١٤...

 

وهكذا أوضح القرآن رأي الدين في الزينة والجمال ، وربط بين المتع الجمالية وبين مفاهيم العقيدة  والإيمان ، ليؤكد أن ما يتمتع به الإنسان من مظاهر  الزينة والجمال إن هو إلا نعمة من نعم الله سبحانه ، توحي للنفس بالرضى والسرور ، وتبعث فيها الحب والمتعة والإشراق ، عن طريق الشعور العميق الصافي ، والتقويم المتعالي للمعاني والقيم الجمالية داخل إطار الذات البشرية ، وعلى أساس من وعيها لهذه القيم والموضوعات ، ولا غرابة في موقف القرآن هذا فإحساس الإنسان بالجمال واندفاعه نحوه ، شعور فطري ينبع من إحساس النفس ، وتوجهها الفطري نحو الكمال ، ومن بحثها عن الإحساس بالرضى والسرور.

ووعي المسلم لموضوعات الجمال وقيمها لا يقف متحجرا عند حد الاحساس المادي والغرض الانفعالي العابر ، بل يتعدى كل ذلك ليوقظ في النفس جذوة الإشراق الروحي ، والاحساس الوجداني الذي يسحب النفس من ركودها المادي وإحساسها البهيمي المتواضع ، إلى عالمها العلوي وتوجهها الأخلاقي ، فيكون هذا الإحساس وسيلة من وسائل النمو الروحي والتكامل النفسي والأخلاقي ، وجعل الاستمتاع بطيبات الحياة سبيلا إلى ربط الإنسان بخالقه ، فالإنسان قادر على أن يعي كل تلك الحقائق حينما يعيش إحساسا يقظا بالقيم والموضوعات الجمالية ، من لباس وأناقة وحسن مظهر ، وحينما ينعكس هذا الإحساس على ذاته الباطنة ، فتتفاعل معه وتندمج ، لتكون صورة حيه للحس والذوق الجميل ، فيرتد هذا الحس سلوكا ومواقف إنسانية تترفع عن الممارسات والمواقف الشريرة الشوهاء التي تمسخ روح الجمال ، وتكرس صورة القبح والنفور .

نستنتج أن الإسلام يحث الإنسان المسلم والمجتمع على الزينة والجمال ، ليستشعر أفراده شفافية الوجود ، وروح الجمال التكويني ، والإبداع الإلهي الذي ملك عليهم قلوبهم ، ويشدها متجهة نحو الحقيقة الجمالية الكبرى القائمة في الصفات الإلهية المقدسة فتغمرهم السعادة ، والحب الإلهي ، ويزداد تذكرهم لنعم الله وشكرهم له .

 

 

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار