5
يناير
2025
القاتل الودود والاتفاقية الابراهيمية .. / بقلم عبدالعظيم حالوب
نشر منذ 2 يوم - عدد المشاهدات : 67

تخيل معي هذا السيناريو : قاتل محترف، يحمل سكينًا أو ربما مسدسًا بكاتم صوت، يتخطى عدداً من ضحاياه الذين أجْهزَ عليهم في منزل ما, ثم يتوجه بحنوٍ الى من تبقى من أحياء. لكن، مهلاً ! وقبل أن يطعن أو يطلق الرصاصة، يتوقف فجأة ليقول بكل لطف: "عذرًا، جئتكم بسلام !". إذا كنتَ من عشاق السينما، فقد تشعر للحظة أن هذا المشهد ينتمي إلى فيلم من جوقة الافلام الهزَلِية من تلك التي تتقنها هوليوود. ولكن للأسف  فأن كل ما اوردناه تواً هو حقيقة. اتفاقيات التطبيع  والتي تكللت باتفاقيةٍ  اطلقَ عليها  الاتفاقية  الابراهيمية  هي تجسيدٌ خالٍ من المبالغة فيما رويناه من الفيلم. الاتفاقية الابراهيمية  جاءت برعاية خاصة من ترامب  في ولايته الاولى ولكن

بعد خسارته الانتخابات الرئاسية 2020  ودخول جو بايدن العدو اللدود، للبيت الابيض، اصاب الاتفاقية شئ من الضمور خصوصا وان الاتفاقية هي من بنات افكار كوشنر  اليهودي الديانة زوج احدى ابنتي ترامب.  في لقاء تلفزيوني له  اشار ترامب ان تفعيل الاتفاقية واحدة من اولوياته  حال رجوعه البيت الابيض.

فما هذه الاتفاقية؟  ومتى واين وقعت؟  وهل سيكتب لها الحياة مجددا برجوع ترمب لتضم دول عربية اخرى؟ 

في 15 سبتمبر/أيلول 2020  تم توقيع الاتفاقية في البيت الأبيض اثناء الدورة الرئاسة الاولى، بين كل من الإمارات والبحرين والكيان.

ويوم 23 أكتوبر/تشرين الثاني  من العام نفسه انضمت السودان  اليها  ليعلن  الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعليه  تتسلم  الخرطوم 335 مليون دولار تعويضا لمن قال ترامب إنهم "ضحايا الإرهاب".

لاحقا في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، رعت الولايات المتحدة أيضا اتفاق تطبيع بين المغرب وإسرائيل  لتلتحق المغرب  بالركب, والثمن اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. اما ثمن الامارات فكانت قد عرضت   الولايات المتحدة  عليها  بيع 50 طائرة مقاتلة من طراز "إف 35 .اما البحرين فقد كان الثمن هو التبادل التجاري والذي وصل اوجه  في النصف الاول من عام 2024 الى 900%.ويسود هذه الاتفاقية "معاهدة للسلام والتطبيع الكامل للعلاقات الدبلوماسية بين الأطراف الموقعة ، واتخاذ تدابير لمنع استخدام أراضي أي منهما لاستهداف الطرف الآخر.

وكانت الأكثر ربحية هي تلك التي جرت بين الكيان والإمارات حيث أجرتا مبادلات تجارية بأكثر من نصف مليار دولار بالسنة الأولى من تطبيع العلاقات، كما حدث تبادل ثقافي مع توافد السياح الإسرائيليين على الإمارات.وتعد الامارات هي الدولة العربية الثالثة في التطبيع بعد مصر 1979 والاردن 1994."

واكد نتن ياهو انه كان من الممكن ادراج دول اخرى في الاتفاقية على راسها السعودية   لولا هجوم السابع من  اكتوبر الامر الذي  قد اجبر الدول المطبعة انفسها على التريث في المضي قدما في بنود الاتفاقية او  في الاقل تجنب الظهور علانية مع مسؤلي الكيان .حرب الإبادة والتجويع والتطهير العرقي في قطاع غزة، الأمر الذي يفسر حرج المطبعين واضطرارهم إلى تجميد عدد من التفاهمات، وتعليق بعضها الآخر. عبر اعلام الدول المطبعة حاولت الحكومات  الصاق التوقيع لتعليق خطة الكيان  في ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة ولكن لمن يتابع  الوضع عن كثب يجد ان  هذه التصريحات ليست سوى وسيلة لاحتواء شعوب تلك الدول الرافضة للتطبيع.  ولكن عقب توقيع الاتفاقية بايام ،  اكد نتنياهو  في رسالة رسمية إلى قادة المستوطنات أن مجلس التخطيط الأعلى للبناء في المستوطنات بالضفة سيعقد اجتماعا، بعد انتهاء عطلة "عيد العرش" في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2020، للمصادقة على بناء 5400 وحدة استيطانية جديدة بالضفة. كما اوعزت الحكومة  الى بناء 3 آلاف وحدة استيطانية جديدة في  مستوطنة بيتار عيليت ، وامتد هذا التوسيع  ليشمل عدة مستوطنات أخرى في الضفة وقرب الخط الأخضر.

 وعود على  بدء واحداث الفيلم  الساخر ,فالقاتل  "السلام" من منظوره  قد يكون مجرد غياب مقاومة الضحية. فإذا كانت الضحية خائفة، مستسلمة، أو ببساطة صامتة تمامًا  فهذا بالنسبة اليه  حالة من السلام المثالي. وربما بعد انتهاء مهمته، يعود القاتل إلى منزله ليكتب تغريدة: "أنجزت عملي اليوم بدقة دعونا نعيش جميعًا في سلام"

في عالمنا هذا، بات لدينا نموذج جديد من القتل. فالقاتل الودود بعد اجهازه على الضحية، يكتب بيانًا صحفيًا طويلًا عن دوافعه النبيلة في الجريمة. اذ أراد تصحيح مسار العالم, فبقتله الضحية تنتهي مأساته و لن يكون هنالك من يقتل, وعليه تنتفي دوافع الجريمة.  فالسلام الحقيقي لا  يتحقق  الا بإزاحة كل من يعارض القاتل  وفي نهاية بيانه، يدعو الجميع إلى أن "يحبوا بعضهم بعضًا"!/انتهى.

 

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار