31
ديسمبر
2024
جنون وبلاد العم سام .. /بقلم عبدالعظيم حالوب
نشر منذ 4 يوم - عدد المشاهدات : 73

الرئاسة الامريكية  ليست ميدانًا خاليًا من الاحاطة الخارجية للدول، وغالبًا ما تكون الشخصيات  المرشحة للرئاسة  محورًا لنقاشات الشعوب الاخرى,  تتراوح اراؤها بين الإعجاب الشديد والانتقاد اللاذع. في كثير من الأحيان، تصبح  شخصية الرئيس بل قُل حتى شخصية المرشح الذي لم ينتخب بعد, مثارَ اهتمامٍ  ليس فقط لقراراتها السياسية، بل وسلوكها الشخصي أيضًا، ما يضعها في دائرة الضوء بطريقة او باخرى. وهنا نعني  به على وجه الخصوص الرئيس القديم القادم دونلد ترامب. الشخصية التي تُعزى  اليها من قبل انصاره  قبل اعدائه بالجنون والمجون.

ففيما تتفق الطبيعة  البشرية  ان الغرائز الماجنة مهما تجاوزت  الخطوط الحمراء, فلها  حدود تقف عند اعتاب العائلة, فان ترمب حطم هذه المعايير ولم يعر لها اهتماما.  ففي لقاء له مع المذيع الأمريكي هوارد ستيرن كشفت عنه سي ان ان,  تلاحظ ان ترامب يتحدث مطولا عن ابنته افانكا  في كلام فاحشٍ لا يليق بحديث اب عن ابنته. والغريب ان المذيع يذكره  ان من يتحدث عنها هي ابنته...! ليقابله ترامب قائلا "انها جميلة".  

مجنون ام يدعي الجنون؟

ترامب الذي  يستخدم منصة "تويتر" سابقا واكس حالياً أداةً رئيسيةً للتواصل مع الشعب، متجاوزًا الإعلام التقليدي,  يعود الى البيت الابيض من جديد بتغريداته الغامضة تارةَ والهجومية تارة اخرى. ففي عز المنافسة الرئاسية لم يدخر جهدا في وصف خصومه السياسيين بألقاب ساخرة مثل "جو النعسان" و"هيلاري المخادعة". كما هو الحال حين كان يطلق  تغريداته في فترة رئاسته الاولى  التي  أثارت القلق وهو يعلن فيها قصف سوريا، أو تهديده لكوريا الشمالية بلغة قريبة من الخطاب الشخصي حيث كتب "لدي زر نووي أكبر وأقوى".  

اما اطلاقه تسميته الاخيرة على  رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بالحاكم  كما لو انه  احد حكام ولاياته الامريكية الخمسين, فقد كادت تتسبب بازمة سياسية بين البلدين, و ما زاد هذا الموقف تعقيدا  هو  اصرار ترامب  ان يطلق على كندا في مناسبة اخرى  بالولاية الحادية والخمسين في الولايات المتحدة. قائلا : "إذا أصبحت كندا ولايتنا الحادية والخمسين ، فستنخفض الضرائب بنسبة 60 في المائة عن مواطنيها " . تصريحات تخلوا من اداب اللياقة. ففي مناسبات عدة دعى الى ضم جزيرة كرينلاند الجزيرة الاكبر في العالم  الى الولايات المتحدة والتي تقبع تحت التاج الدنماركي. تصريحات مثيرة استخدمها  الرئيس عبر  المنصات للتعبير عن آرائه بطرق استفزت خصومه السياسيين، وأحيانًا أثارت سخرية وسائل الإعلام. .

وهذا ما يجعل من تصرفاته غير العقلانية  و الغريبة, ان تكون  بعيدة  كل البعد عن المعايير  المقبولة. عندما تُوجّه هذه الاتهامات إلى رئيس دولة، تصبح المسألة أكثر تعقيدًا؛ لأنها تمس مصداقيته وقدرته على القيادة وكيف به الحال اذا كان هذا الشخص يقود  العالم؟.

ترامب الذي بدأ حياته المهنية  خارج المجال السياسي , ومع دخوله عالم السياسة، تعمد الاثارة في خطابته  تاركاً اثاراً صادمةَ في كثيرٍ من الأحيان متجاوزا  الأعراف المتداولة لدى الرجال العاديين فكيف به وهو رئيس دولة!

المجنون الماجن

حياته الشخصية الصاخبة,  يواجه فيها  الرئيس اتهامات تتجاوز سلوكيات  المنحرفين انفسهم ما تثير  اهتمام الإعلام والجمهور. فكثيرًا ما تم تداول قصص عن حفلات صاخبة وعلاقات شخصية متعددة خلفت وراءها دعاوى قضائية  دأبت على  تغطيتها الصحف وتم تدوينها في  كتب عدة, منها ما شكل صدمة لترامب رغم تبجحه,  فالكتاب الذي يحمل عنواناً " كثير للغاية وليس كافيا ابدا " والذي اُلف من قبل ابنة اخيه ماري ترامب التي كانت مطلعة على حياته بشكل مباشر و جلي تسببت له بعقدة نفسية حاول كثيرا تجنبها في المؤتمرات الصحفية.

كيف أثرت الاتهامات على مكانته؟

في امريكا، انقسم الشعب حوله بشدة. بينما اعتبره البعض قائدًا قويًا يعبر عن إرادة الشعب، رأى آخرون أن سلوكه يضر بصورة الرئاسة ويقلل من هيبتها. دوليًا كانت علاقاته مع قادة الدول الأخرى معقدة حيث ان الزعماء لم يكونوا ليتوقعوا سلوكه ازاءهم  امام الكاميرات خصوصا عندما رفض مصافحة المستشارة الالمانية انجلى ميركل أو عندما اتخذ من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مرتكزاً لحمل اللوح الذي يحمل معطيات صفقة القرن. فقد نُظر إليه كزعيم يصعب التنبؤ بتصرفاته، مما أثار الشكوك حول استقراره  الذهني .

فيما يجد مؤيدوه  أن تصرفاته، رغم غرابتها،  هي  تعبير عن شخصيته الفريدة واستراتيجيته الناجحة لكسر النظام السياسي التقليدي. يعتبرون أن "المجون" وسيلةً لجذب انتباه الشعب، و"الجنون" رمزًا للشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة.

فمعظم مؤيديه يرون أن الاتهامات ضد ترامب ذات دوافع سياسية. ما جعل من محاكمات  دونالد ترامب وملاحقاته القضائية دعاية انتخابية تم استثمارها جيدا وان المشاكل القانونية المتفاقمة  قد عززت من مكانته. اما محاولة اغتياله التي يشكك البعض في صحتها فقد اسهمت في ترجيح كفته انتخابيا . ويبقى السؤال الأهم لماذا كل هذه الثقة به من قبل انصاره؟

ترامب الذي ترك البيت الابيض على مضض يعود رغم  كل الفضائح

وفقا لرئيس الشؤون الأمريكية العامة لدى شركة إبسوس، كليفورد يونغ :" إن أنصار ترامب يرون العالم من خلال عينيه". بل ويجزمون انه تعرض للظلم وأن لوائح الاتهام تنطلي على دوافع سياسية..

.وكان ترامب  قد واجه ولا يزال  اتهامات بالسلوك غير اللائق تجاه النساء، وهو ما نفاه بشدة. .

ورغم كل الفضائح لم تتزعزع الثقة به من قبل انصاره طالما يؤكد في خطاباته "امريكا اولا"  او ما يردده " يجب ان نأخذ البترول منهم طالما علينا حمايتهم " وهنا يقصد الدول العربية التي يجدها ترمب وغيره من حكام امريكا  حديقةً خلفيةً او اسطبلا  تجثُ فيها خيلهم./انتهى

 

 



صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار