27
نوفمبر
2021
( تَنهُدات ثُريا الفّلّق ).. ديوان شعري للشاعر مزهر حسن الكعبي ..
نشر منذ Nov 27 21 pm30 03:14 PM - عدد المشاهدات : 735

كتابة واعداد : ناظم عبدالوهاب المناصير

    اصدار : دار ماهي للنشر والتوزيع ..

    سنة الإصدار : 2020 بـ 112 صفحة من القطع المتوسط ..

فوقَ أنهـرِ الرَّماد يَعيشُ الشّاعر لحظات رَحيق القُبـل ..

 

   مزهر حسن الكعبي وسفره الجديد في ألوانـه المتناثرة على صفحة ترانيم أنفاس الفجر الندي ... يُريد أنْ يخلق لوحة فنيــة صادقة ، مرسومٌ عليهــا قلائد صافيــــة

من ماس وذهب ؛ أو أنـه يُريــــد أنْ يُحلقَ بأجنحـة شفّافــــــة ليحطّ على قمم جبال شاهقـة ويذهب بعيــــداً إلى ما وراء ِ اجتراح النفوس الهائمـــة عشقاً ، فيتلو حكايا أحلامه من حنو ضياء الشمس في لغــةٍ حيــّةٍ فيها تتشابه المعانـــي ، تُؤدي دورها

بشكلٍ سلسٍ وأسلوبٍ إبداعي ، عنــد ربطِ تراكيب جمل مقترنة بتجاربه الحياتيــــة في مدى قد لا يحد من مرونتها في رؤى وظيفية ، تعطي مؤشرات تُجســد البنيــة الفكرية أو العاطفية ، مع أنها لم تكن كلمات أو سطور يكتبها الشـــاعر على ورق ، وإنمـا هي احساسات صافية في الوجد والهيام من ايحاء القلب ورنـــة من حنين وصوت حياة فيـــه يتحاور مع النور والفرح والألم والحزن والشجن ؛ ففي لغتـــه يتنسم منهــا العشقُ من عيون الحبيبـة ، كخرير نـــهر عذب أو كوشوشات سـعف النخيل حينما تهزها رياح دافئـة قادمــة من مرافىء الكون الأقرب إلينــا ، فيتغنى بعمق قيعان اللآليء السومرية والأكدية ، تتناثر حروفه في أودية الملكة شبعاد.   في مفردات قصائده متعة من وحي الإيحاء والتأمل ؛ فلا يوجـــد في شعره أي ابتذال أو افتعال أو ترديد ما قاله الشعراء من قبله وإنما جاءت من عميق احساساته في تنهدات صوفية العشق ، تتناول عدد من الصفات الحساسة واللمحات الجريئـة ، ربما يتراجع قليلاً ، لكنه يندفع في هَبَةٍ مشجعة متجددة يتجاوب صداها في عالم الموروث الإنساني والعاطفي والوجداني ، يستبدل مثابات الحياة مقترنة  بالجمال والحب والعطاء المستمر بحطامات الحياة ..

   يبحرُ  من سواقي الأنهــــــــر القريبــة نحو بحور بعيدة ذات دلائل تعطينا نكهات ميسورة مجسمة في حوارات تنبع من منابع ذات أصول شمّرت عن أحرفٍ ثريـــــة بالمودة والصدق ولحن نماء الروح .

   توقفتُ بعض الوقتِ ومن ثمَّ تروني بكل فخر واعتزاز ، أتصفحُ ديوانه ( تنهُدات ثُريا القَلَق ) يشرح احساساته عن تجاربه الشعرية الثَرّة ، كأنهــا ترتق جروح الحياة

بكامل صورها ..

    ( مرُّوا من نافذة الضَّوء ، وأحببتُهم ... أحببتُّهنَّ فيك ياوطني )

   الكلمات تسللت في وضع يهدر بالعزيمة واصداء الحنين ، وتبرز مما لا دورَ له بين يديها :

                    قصيدة ( إلى متى ) صـ 5

لا دورَ لي بين يديكْ

غير اشتياقي

جذوة َ الصّمتِ ،

وأصداء الحنين ْ

تلفّني ..

تأسرني غابتُكِ

المِرآة ..،

وتطلق الرّموزَ

للحياة ْ ،

موشومة بما أرى ،

ولا ترين ..

جناح رغبتي

حدُّ انتهاءِ العالمِ المفتون ِ

ــ إنْ كان للعالم حد ْ ــ

ياسرَّنا الآقلَ

في ليالي الجدبِ ،

والجنون .

إلى متى ...؟!

       ***

   رصانة في الإبتكار ، واتزان القول ، وروية الإيحاء في المأثرة وجزالة الأفكار أو خفة وقلق ورقة العاطفة ...

   الكعبي خاض غمار الشعر ، وأبدع فيه على طريقة رغباته العاطفية والجمالية في ورشة الإنعكاسات الوجدانيـــــة ، شعره يتنقل بنا في حكمـــة وانسجام تام في معانيه وألفاظه ، التي أخذت حيزاً واسعاً في مسيرته ، فيرتقي إلى مصافٍ تتوغل في حنايا الصور الواقعية ، تتفجر جمالاً وابداعاً ، يقطر نغمات تتوسم الآفاق التي تصدح بها الطيور مغردة في صفاء وتأمل محسوس ..

                               قصيدة ( الفراشات ) صـ 26

أنا صديقكُنَّ ..

روضتي بعطركُنَّ

راقصاً ،

تقيمُ قدّاسَ الصَّلاة ْ

تعوَّدت ْ

على رحيقٍ رائقٍ

مِن شفةِ ثملى ،

ورعشةٍ ترتِّل ُ القُبَل ْ

        إلى أن يقول :

ما الفرق ما بين الحياة ِ

والممات ْ ..!

في أفقٍ يفتح ُصدرَهُ

مُغرّداً ،

وينحني

للهمسِ محمولاً صداهُ

يُقطّر العطرَ ندّى

على الشِّفاه ..!

       **

الإبداع قـد يكون ملازماً إلى التوقيتات المثابرة حينمــا ينساب ُ الشعرُ من مفصل أبجديات الحياة في مرافىء البحــار القصيــة باحتواء الجمال في التأمـل والتذوق وتوقدُ الشّعور والأحاسيس ، وبثّ اللوعة والإحتراق والتوثب في دروب متاخمة للذات ومفاتن وجمال دندنــــة الأوتار في النفوس ، بعيـــداً عن الوهم والخيالات المتداعيــة ، وإنما تنعكس الصور وتلتحم مع بعضهــــا في مستودع النزوع إلى مدارج الإرتقاء والتعظيم والتبجيل في مقل العيون ، زيادة في التربع فوق عرش الرقة والإنطباع المتجدد في مفرداته الشعرية ، ربما نستنبط منها كرم الحيــــــاة ، كيما تمتـد الحروف إلى ملامسة نجمات الحلم قبل زفاف الفجر مع طلوع الحبّ.                   قصيدة ( فوهَّة التَّغاريـد )

اللهُ منْ حبانا

هذهِ الأقانيم الجميلة

فليسَ مِن حقّك

بالمُهدى اليكِ تبخلين ..!

أيزْدرى نبعُ المودّةِ

وادعاً ؟!

فكوني مَنْ تكونين َ

أيا امرأهْ ..

لستِ سوى من عَلقه ْ ،

لحفرةٍ مختنقه ْ ،

ومحضِ جيفةٍ

مُلتصقه ْ ،

جفّتْ على التّراب ،

لا تصطفيها النّـارْ ..

      **

   ينطلقُ شاعرنا ، ينشد دروب الحبيبة ينتقل من مكانٍ ـــ قد يستبد الحنين إليه ـــ إلى مكان آخر يُثير فيه همـة نادرة وقدرة آمنة ، ربمـــا تخذله أو تطيح بجزءٍ من تطلعاته ، يتلوى قطبُ الأرض ويستعين بقوة ارتقاء عشق يتشظى في أروقة الجنان

عاليـة الشجر ..

   النصُ الآتي لقصيدة ( بيضاء تُغادر ) يسلط مفهوماً ذا طريقة شعرية فذّة ، أقرب إلى أن يكون حزناً أو أنه يفتقد الفرح من حيث تراكم الآهات .. يبدأ النص :

            بزفير النكبات ...

أقحم بهذا النص بعض الكلمات هي أقرب ما يشعر به الناس لكثرة تداولها لديهم ..يتلوى ...يتلوى من الألم أو من المرض يمج .. أي يلفظ شيئاً من فمه مغداقاً .. لذا نجد كلماته لها الإنطباع الخاص أو أنها بسيطة مفهومة ، ولم يأتِ

بكلماتٍ يُراد لها أن تُفسر حسب خصوصيات بعيدة عن ما يعنيه شارع الأدب والشعر ، اضافة إلى اجادته في التعبير عما يجول فيها من مشاعر الرغبة وعواطف يغلبُ عليها طابع ذو مردود انساني نبيل ...

                      قصيدة ( بيضاء تُغادر )   صـ 104

بزفير  النّكبات ْ ،

افتحي بابكِ حتّى تعرفي نجمي ،

كلانا  سيغادرْ

كوّة الأرض ،

ولون َ الجبروت ْ ..

عشقُنا كان تشظّى ..

يتلوّى قطبُ الأرضِ

ومن فيــهِ

يمجُّ السُّمَ

مغداقاً عليه .

مَنْ تُرى ..

يحملُ أسرابَ السّنونو ،

منْ تُرى

فوق يديه ؟

من تُرى

يدخلُ بابَ الجنّةِ العلياءِ يوماً

بجناح ؛

فلْيغردْ

وطن الحبِّ بمأساة الضياع ْ !

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار