![]() |
|
|
3
ديسمبر
2025
|
نحن… بكتريا في جسد الكون العظيم ../ بقلم الخبير المهندس حيدر عبدالجبار البطاط
نشر منذ 3 ساعة - عدد المشاهدات : 55
|
وعندما نخرّب نظامه تتحرك مناعته لتصحيح الخلل في لحظة صدق مع الذات يمكن للإنسان أن يدرك حقيقة صادمة نحن لسنا مركز الكون ولا سادته ولا ( غاية الخلق ) كما نتوهم أحياناً.
نحن – بكل ما نحمله من ضجيج وحروب وشهوات – لا نمثل أكثر من كائنات متناهية الصغر تعيش في جسد كوني هائل واسع معقّد تسري فيه قوانين صارمة لا تعرف المجاملة ولا تعترف بالاستثناءات.
تماماً كما يحتوي جسد الإنسان على مليارات البكتريا المفيدة منها والضارة.
كذلك يحتوي جسد الكون على مليارات المجرّات والكواكب والكائنات والأحداث… ولكل واحد منا حيّز صغير جداً يشبه حيّز البكتريا على سطح الجلد أو في عمق الأمعاء.
البكتريا التي تنسجم… لا تُقتَل عندما تنسجم البكتريا مع نظام الجسد وتساعده وتعيش ضمن حدوده فإن المناعة لا تقترب منها.
بل إن بعضها ضروري للحياة إذ يقوم بحمايتنا وهضم غذائنا وتنظيم وظائفنا.
وهكذا البشر:
حين نحيا ضمن قوانين الكون – قوانين التوازن و التناغم و احترام الموارد و عدم الاعتداء – يصبح وجودنا مقبولاً في هذا الجسد العظيم.
الكون ليس ( عدواً ) لكنه نظام وله حدود واضحة.
من يلتزم بها يزدهر… ومن يخالفها يدفع الثمن.
وحين تفسد البكتريا… يتحرك الجيش لكن ماذا يحدث عندما تُخلّ البكتريا بتوازن الجسد؟
عندما تتكاثر بلا ضابط وتسمّم المكان وتنهش الأنسجة؟
تتحرك المناعة فوراً
دفاعات .. حرارة.. التهابات .. أدوية… وربما استئصال كامل للمكان المصاب.
هذا ما يحدث معنا نحن أيضاً حين ندمر البيئة ونفسد الطبيعة ونعتدي على الأرض ونلوث الهواء والماء ونحرق الغابات ونطلق الغازات السامة ونُشعل الحروب…
حين نتصرف كـ ( بكتريا ضارة ) في جسد الكون يردّ علينا بما يوازي ( المناعة الكونية ).
ما هي المناعة الكونية؟
ليست جيشاً يحمل أسلحة لكنها مجموعة من القوانين التي تعمل بلا هوادة
• الكوارث الطبيعية
• الأعاصير والفيضانات
• الأوبئة والتحولات البيولوجية
• التصحر ونقص المياه
• ارتفاع درجات الحرارة
• انقراض الأنواع
• الاختلالات المناخية
هذه ليست ( عقوبات ) بل ردود فعل دفاعية طبيعية.
كما يجري في أي جسد حين يحاول إصلاح الخلل.
هل يريد الكون قتلنا؟
لا.
تماماً كما لا يريد الجسد قتل بكترياه النافعة.
لكن الجسد لا يتسامح مع الفوضى والعدوان الداخلي.
الكون لا يتحرك بدافع الكراهية بل بدافع إعادة الاتزان.
وحين يصبح بعض البشر ( سرطاناً ) في الطبيعة، أو ( بكتريا قاتلة ) في جسد الأرض تبدأ آليات الحماية بالعمل تلقائياً.
وهذا ما نشهده اليوم أزمات متتالية و تحذيرات علمية و كوارث متصاعدة…
كأن الكون يرسل لنا إشارات متتالية تقول ( توقفوا… أو أنني سأضطر لبدء عملية التنظيف ).
الرسالة الأخيرة
إذا أردنا النجاة علينا أن نغيّر علاقتنا بالكون من علاقة الاستهلاك والهيمنة إلى علاقة الوعي والانسجام.
علينا أن ندرك أننا كائنات صغيرة جداً في نظام أكبر منا بكثير وأن وجودنا فيه مشروط باحترام قوانينه.
نحن لسنا أسياد هذا الجسد…
نحن بكتريا مفيدة أو بكتريا ضارة والاختيار – كل الاختيار – بيدنا .
