![]() |
|
|
2
ديسمبر
2025
|
المرجعيّة ليست طرفًا في لعبة السلطة بل هي صمام الحكمة !!! بقلم امير الكليدار / النجف
نشر منذ 7 ساعة - عدد المشاهدات : 84
|
عجبتُ – ولا عجب في زمنٍ اختلطت فيه الأدوار – في تصريحِ لأحدِ المعمّمين السياسيّين وهو يلوّح بأنّه “يتكفّل” بإيصال أسماء مرشّحي رئاسة الوزراء إلى المرجعيّة الدينيّة، وكأنّ المرجعيّة مكتبُ ترشيحاتٍ أو هيئةُ تدقيقٍ وظيفيّة!
لا أدري ما سرُّ هذا الإقحام الدائم للمرجعيّة في كل شأنٍ سياسيٍّ لا يليق بمقامها، ولا بتاريخها، ولا بعمقها الروحي الذي ما وُجد إلا ليكون ميزانًا للقيم، لا جسراً لمناصب الدولة.
أهو جهلٌ بحقيقة دورها؟ أم محاولةٌ لجرّها إلى ميدانٍ تعافه الأخلاق، كي يُقال إنّ العراق يُدار بنسخةٍ مستترة من ولاية الفقيه؟ أم أنّ المراد تشويه اسم المرجعيّة بإظهارها وكأنّها هي التي تتحكّم في مقاليد الحكم وصناعة الكراسي؟
إنّ المرجعيّة الدينيّة لمن يجهل، ليست طرفًا في لعبة السلطة، ولا بيدها عصا تُنصّب هذا وتُقصي ذاك، بل هي صمّام الحكمة، وميزان الشرعية الأخلاقية، وملاذ الناس حين يشتدّ الظلم وتضيع البوصلة.
أما أن تُحبس المرجعيّة في زاوية “الاختيار السياسي” فذلك افتراءٌ صريح، ومحاولةٌ بائسة لتحميلها مسؤوليات ليست من شأنها، بل من شأن مؤسسات الدولة التي تهرب من واجباتها ثم تبحث عمّن يغطّي عجزها.
لقد آنَ لهذا التلاعب أن يتوقّف؛ فالمرجعيّة ليست سلّمًا يصعد عليه الطامحون، ولا درعًا يحتمي به الفاشلون، ولا مظلّةً يختبئ تحتها من خذلته صناديق الاقتراع.
وليعلم من يصرّ على زجّها في كل ملفٍّ سياسي أنّه لا يسيء لها، بل يفضح ضآلة حجمه، وعجز أدواته، وفراغ مشروعه. ومن أراد أن يتقرّب إليها فليتقرب بخدمة الناس، لا بتمرير الأسماء وتزويق الادعاءات.
أما إذا أراد البعض أن يدفع بالعراق نحو حكمٍ ثيوقراطيٍّ مُقَنَّع، يختبئ خلف عباءاتٍ سياسيةٍ تتوسّل باسم الدين، فليعلم أنّ هذا التحوّل ليس سوى قناعٍ جديد للاستبداد؛ استبدادٍ يُراد له أن يُلبِسَ الظلمَ ثوبَ القداسة، ويُعطّل الدولة باسم الشريعة، ويُسكت النقد تحت عنوان الطاعة.
