7
سبتمتبر
2025
بين الحزم والحوار …. كيف تسهم المعرفة النفسية لضابط الشرطة في تجنب التصعيد ؟
نشر منذ 6 ساعة - عدد المشاهدات : 51

الفريق الدكتور سعد معن ابرهيم

رئيس خلية الإعلام الامني

حين نتأمل الدور المحوري الذي يضطلع به ضابط الشرطة ورجل الأمن في مجتمعاتنا الحديثة، ندرك أنه لا يُمارس وظيفة نمطية تقتصر على تطبيق القانون أو ضبط النظام فحسب، بل هو في المقام الأول “وسيط بشري” بين الدولة والمجتمع، يتعامل بشكل مباشر مع الإنسان: بطبائعه، ودوافعه، وسلوكياته، وتقلباته النفسية.

إن العمل الشرطي اليوم لم يعد مقتصرًا على الجاهزية البدنية، أو الحضور الميداني، أو حتى الدراية بالأنظمة والتشريعات، بل أصبح يقتضي في جوهره فهماً عميقاً للنفس البشرية، وتسلّحاً واسع الأفق بالمعرفة النفسية والسايكولوجية. فكيف يمكن لضابط الشرطة أن يتعامل مع المتهم، أو الضحية، أو شاهد العيان، أو حتى المواطن البسيط، دون أن يدرك الدوافع النفسية وراء أفعالهم وردود أفعالهم؟

الواقع أن رجل الشرطة هو أكثر من يحتاج إلى معرفة الطبيعة البشرية وخصائص الشخصية الإنسانية، ذلك أنه يتعامل مع مختلف أطياف المجتمع، ومع حالات إنسانية تتفاوت بين السلوك العادي والانحراف، وبين الاستجابة والإنكار، وبين الطواعية والمقاومة. كل ذلك يتطلب مهارات لا تُكتسب إلا من خلال التعمق في علم النفس وفروعه.

ومن هنا، فإن فهم الضابط لنظريات الشخصية، وأنماط التفكير، وآليات الدفاع النفسي، يمكن أن يشكل فارقًا جوهريًا في إدارته للمواقف، وفي إجراء التحقيقات، وفي قراءة المشتبه بهم، بل وفي اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

بل إن الإلمام بعلم النفس لا يتوقف فقط عند فهم الجريمة أو الجانح، بل يمتد إلى إتقان فنون الإدارة الأمنية، وإجراء المقابلات، واستيعاب الضغوط النفسية التي قد يتعرض لها فريق العمل، وقيادة العنصر البشري بشكل فعّال ومرن.

الجريمة كما أثبتت مئات الدراسات لا تُفسَّر تفسيرًا أحاديًا، بل تتضافر في تكوينها عوامل وراثية وبيئية ونفسية واجتماعية. ومعرفة هذه العوامل تُمكّن رجل الأمن من أن يتعامل مع الجريمة لا باعتبارها فعلًا منقطعًا، بل كمحصّلة لتراكمات نفسية وسلوكية معقدة.                                                                                                                                                                 

ولذلك، فإننا في المؤسسات الأمنية، ونحن نُخطط للتطوير المهني لرجال الشرطة، لا بد أن نمنح أولوية قصوى لإدراج العلوم النفسية ضمن البرامج التدريبية الأساسية والمستمرة، سواء على مستوى الدراسات الأمنية أو على مستوى التدريب الميداني.

إن رجل الأمن الذي يمتلك الأدوات النفسية والمعرفية، هو الأكثر قدرة على خدمة العدالة، وتعزيز الأمن، وحفظ كرامة الإنسان، لأنه ببساطة يتعامل مع البشر، لا مع الملفات أو الأوامر فقط. وإن كان السلاح يحمي القانون، فإن العلم – والعلم وحده – هو ما يصون العدالة.

 وختاما نقول  إن الشروط التي تضعها مؤسستنا الأمنية لقبول ضباط الشرطة كلها محترمة، وتصب في تحقيق المصلحة العامة، ولا بد من إضافة شروط أخرى تتعلق بالفهم النفسي والسايكولوجي، الذي يجب أن يكون لدى المتقدم إلى هذه الوظيفة الشاقة، أو على الأقل تعزيز دراسة هذه المواد بشكل أكثر اتساعًا وإلمامًا وشمولية، مع تعريف الطالب المتقدم بآخر النظريات العلمية ذات الصلة بموضوع البحث، بما يمكنه مستقبلاً من التعامل الحسن مع الناس، قبل التعامل مع فعلهم الإجرامي.

 

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار