![]() |
|
27
يوليو
2025
|
في الكوت كانت النيران أسرع من المطافي ..!!بقلم الكاتب : جعفر محيي الدين / النجف
نشر منذ 3 يوم - عدد المشاهدات : 244
|
في
لحظة خاطفة تحوّلت مدينة الكوت من موطن الدفء و السكينة ، إلى مشهد مأساوي يعتصر
القلوب و يعصف بالضمائر ، حريق مول الكوت لم يكن مجرد حادث عرضي ، بل فاجعة
إنسانية هزّت العراق من أقصاه إلى أقصاه ، و دوّى صداها في وجدان كل من شاهد ألسنة
النار ، و هي تلتهم المكان و تخطف الأرواح دون رحمة ، و هم يتساقطون الواحد تلو
الآخر ( شهداء أبرياء ) .
في
بلد أعتاد على الصبر كانت الكوت تبكي
بحرقة ، لم تكن النيران وحدها من أحرقت أجساد الضحايا ، بل كانت هناك نيران خفية
من الحيرة و الحزن و الأسى ، تحترق في صدور العائلات المفجوعة ، و الأمهات الثكالى
و القلوب المنكوبة التي ودّعت أحبةً بلا وداع ..!!
ما
حدث ليس مجرّد خلل في منظومة أو صدفة عبثية ، بل هو نتاج تراكمي لمواسم الإهمال ،
و ضعف الإجراءات و غفلة الأنظمة ، التي يُفترض أن تكون ساهرة على حياة الناس هي
صرخة وجع كبرى ، تذكّرنا بأن الدم العراقي ما زال يدفع ثمن التقصير بلا حساب .
و
لعل أكثر ما يوجع أن الضحايا كانوا ممن خرجوا طلباً للرزق ، أو بحثاً عن لحظة
راحة ليجدوا أنفسهم أسرى نيران لم تجد من
يطفئها سريعاً ، مشاهد الدخان المتصاعد لم تكن دخان حريق فحسب ، بل دخان خيبة
يتصاعد من بين الأنقاض ، يسائل الجميع بلا إستثناء أما آن لهذا البلد أن يمنح
إنسانه كرامة الأمان ..؟؟
و
رغم هول المصاب يبقى الشعب العراقي كما
عهدناه ، متماسكاً مرفوع الرأس ، يداوي جراحه بالدموع و الدعاء و الصبر و لكن ما
جرى يجب أن لا يُنسى ، ولا يُطوى في صفحات الحوادث العابرة .
إن
دماء الأبرياء تستحق أن تتحول إلى يقظة ضمير و مراجعة جادة ، و حماية حقيقية لما
تبقى من أرواح
فاجعة
الكوت ليست نهاية ، بل يجب أن تكون بداية جديدة نحو العدالة والتخطيط و الوقاية لا
لتكرار المأساة ، لا لموتٍ يمكن منعه ولا لتأخير الحقيقة .