![]() |
|
26
يونيو
2025
|
القمة التي جاءت على مقاس الرئيس الأمريكي ... /عبدالعظيم حالوب / هولندا
نشر منذ 17 ساعة - عدد المشاهدات : 74
|
اختتمت مساء أمس في لاهاي بهولندا قمة حلف
شمال الأطلسي فيما لا تزال تستعر ألسنةِ اللهب في قلبِ الشرق الأوسط في فلسطين
المحتلة, وعلى أطرافِ أوروبا الشرقية بين روسيا وأوكرانيا. قمةُ حلفِ شمالِ
الأطلسي (الناتو) التي عقدت وكأنها تحاول استباقَ لحظةِ الانفجارِ الكبير. زعماء
الحلف يجتمعون تحت سقف واحد، فيما لا سقف للدمار الذي أحدثته اعضاؤه, ولا ملامح
واضحة لنهاية الازمة الروسية الأوكرانية. ولا يزال يواصل الكيان ممارسة الابادة
الانسانية على شعب فلسطين. الكيان الذي يستمد عزمه من هذا الحلف .…!
الأسئلة التي ترتسم على اعضاء القمةِ هذا
العام تتجاوز حدود الدفاع المشترك. فإلى أي مدى لا يزال الناتو متماسكا في وجه
التحولات العنيفة والذي تسبب مؤسسوه
بالأساس في الكثير من إشعال الحرائق في عالم يبحث عن السلام؟ وهل لا تزال بيانات
التهدئة، والتحذيرات الحازمة، كافية في عالم تتسارع فيه الصواريخ الفرط صوتية
فتسبق سرعتها الكلمات لتكون أبلغ من الصوت؟.
منذ يومين والعالم يتطلع
بأسره إلى هولندا حيث بدأت قمة الناتو في أكبر عملية أمنية في تاريخ
هولندا. ففي بلد طواحين الهواء هولندا وتحديداً في المنتدى العالمي بمدينة دنهاخ,
تسحق أحلام الشعوب الأوربية في اقتصادها المتهاوي ليغدو دقيقاً تتقاذفه رياح
الحروب. تعقد "قمة الناتو" في الفترة من 24 إلى 25 حزيران 2025، وهي
المرة الأولى التي تستضيفها هذه المملكة منذ تأسيس الناتو في عام 1949. حيث يتولى
البلد المضيف اللوجستيات والأمن بشكل
استثنائي، ليتحمل تكلفة ضخمة تقدّر بـ 95 مليون يورو, من تجهيز المطارات أمنيا،
انتهاءاً بتأمين الطرق والممرات المائية، بتنسيقٍ مشترك بين الشرطة والجيش. الامر
الذي حدا بالحكومة الهولندية ارسال توصيات لكل موظفيها اولوية تأدية أعمالهم
منزلياً توخياً الازدحامات والاختناقات المرورية ولا سيما الطرق المحاذية لمدينة
لاهاي حيث استضافة القمة.
وتقام قمة شمال الأطلسي بحضور ما مجموعه
8500 شخص، بما في ذلك 45 رئيس دولة أو حكومة و45 وزير خارجية و 45 وزير دفاع و
2000 صحفي محلي ودولي و6000 عضو وفد.
أيام سبقت القمة, تسرب في الاعلام ان مدتها
ستقتصر على جلسة واحدة لا تتجاوز الساعتين والنصف، فيما تضمنت في الدورات السابقة
3 اجتماعات، كل اجتماع تجاوز الساعتين والنصف، وتركز على الشؤون الجيوسياسية
والستراتيجية. الأمر الذي رجحه الإعلام الأمريكي كصحيفة التايمز أن القمة قد فصلت
على مزاج الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حيث وصفت الصحيفة القمة على سبيل الدعابة
بالممتعة القصيرة.وهذا ما أظهرته مجريات القمة حيث وصفها الاعلام انها صممت خصيصاً
على مقاس تركيز ترامب المحدود، وذلك لتجنب زلاته غير المتوقعة وردود أفعاله الآتية
من نفاذ صبره المتسارع. لتاتي متناغمة مع رغبة ترامب الذي أسهب كثيرا في تلميحاته
التي أدلى بها في لقاءاته الصحفية عن عزمه بالانسحاب من اتفاقية الدفاع المشترك
لحلف الناتو إثر بلوغ إنفاق الولايات المتحدة أكثر مما تنفقه باقي أعضاء الحلف
مجتمعة.
حيث تم وعد الرئيس الامريكي ان مقررات القمة
ستركز على رفع الإنفاق الدفاعي للناتو إلى 5% من الناتج الإجمالي لأعضاء الناتو
الآخرين, علماً إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تصل هي نفسها لهذا الرقم بعد.
ويأتي هذا الاختصار في القمة ايضاً على خلفية قمةِ مجموعةِ الدولِ السبع التي عقدت
نهاية الأسبوع الماضي، عندما غادر ترامب
مبكرا قبل أن يطلق انتقادات لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد القادة الآخرين.
ولو رجعنا عاما واحداً وتحديدا القمة
السابقة في واشنطن, فإن أبرز ما جاء في بيانها الختامي هو التعهد بمنح أوكرانيا
مساعدات عسكرية بقيمة 40 مليار يورو. فيما لم يحدد حتى الان ما اذا كانت دول الحلف مقبلة على خطوة مشابه ام لا. وتأتي قمة لاهاي لحلف
الناتو في ظل استمرار المواجهة العسكرية
بين روسيا وأوكرانيا, واتساع انخراط
أوروبا في الصراع بإسنادها أوكرانيا ماديا و استخباريا, الأمر الذي يثير حفيظة
الروس وما يرافقها من تكهنات في اتساع رقعة الصراع في دائرة هذا الصدام لتشمل كل أوروبا وربما العالم بأسره.
حقائق تهدد الناتو
هذا الحلف هو ربما أحد أهم التحالفات التي
عرفتها البشرية, اذ ان معظم أعضائه هم
ممن يمسكون بأهم مفاصل القرار في العالم, إلا أنه عاجز عن
تهدئة الأزمات التي هو بالاساس أحد مسبباتها,
كحروبه في افغانستان وليبيا, والذي
ترك وراءه بلدين منهكين. كما هو الحال اليوم في تأجيج الصراع الأوكراني الروسي دون
رغبة فعلية منه في تهدئة القتال. فهو عاجز في إتمام الكثير من المهام التي انيطت له على مر سنوات نشأته.
أما إخفاقه في حل النزاع القائم بين دولتين عضوين في حلفه تركيا واليونان من أكبر
تناقضات هذا الحلف. فقد فشل في التوصل إلى
حل طيلة سنين نشأته ليصل التوتر حد الاقتتال بين الدولتين، خصوصًا حول قضية قبرص.
فرغم كونهما جزءًا من نفس التحالف الدفاعي، إلا أن الحلف وقف عاجزًا أمام
خلافاتهما، ما شكك أحيانا في "وحدة الهدف" داخل الحلف وهو الدفاع
المشترك. الأمر الذي أثار تساؤلات جادة حول مدى فعاليته في حل النزاعات بين أعضائه
قبل أن يتصدى للتحديات الخارجية. الواقع الذي يصوغه الرئيس الفرنسي ماكرون بمقولته الشهيرة: "الناتو في حالة
موت سريري"./انتهى