14
ابريل
2025
هل تلوح في الأفق حرب عالمية ثالثة؟ ! بقلم عبد العظيم حالوب/هولندا
نشر منذ 3 يوم - عدد المشاهدات : 204

في ظل التوترات التي يشهدها الشرق الأوسط والبلدان المجاورة للكيان المحتل على وجه الخصوص, و تعقّد  المشهد الجيوسياسي الدولي بشكل عام، وعودة مفردات الحرب الباردة إلى الخطاب السياسي والإعلامي العالمي، تبرز تساؤلات ملحّة حول احتمالية اندلاع حرب عالمية ثالثة. فهل العالم بالفعل على حافة هاوية كونية جديدة؟ أم أن ما نشهده هو مجرد إعادة تموضع استراتيجي لقوى كبرى في عالم متعدد الأقطاب؟

صراع القوى الكبرى: عودة الاستقطاب الدولي

تعيش العلاقات الدولية اليوم حالة من التوتر المتصاعد بين القوى العظمى المتوازية  في القوى والمطامع ، لا سيما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين من جهة، وبين دول غرب أوربا  وروسيا من جهة أخرى. هذه الثنائية (أو الثلاثية) في الاستقطاب تعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، ولكن بملامح جديدة وأدواتٍ أكثر خطورة, وذكاء أكثر تعقيداً.الولايات المتحدة التي  لها الانتشار  الاضخم  في العالم  مع  ما يقارب 800 قاعدة عسكرية خارجية في أكثر من 70 دولة، اخذَ نجمها بالافول رويداً رويداً .رغم انها لا تزال تحتفظ بزعامة  شبكة تحالفات الاخطر في العالم الا وهو الناتو و اليابان، كوريا الجنوبية، وأستراليا , الا ان تصاعد التوترات مع هذه الدول اخذة بالازدياد بسبب القرارات  الرئاسية المفاجئة.,

 اما الخبرة القتالية  التي  تنسب  الى الولايات المتحدة  بعد الحرب العالمية الثانية والتي تمخضت  عن تدخلاتها العسكرية المباشرة في دول تبعد عنها الاف الاميال ,عدها  البعض ما هي الا  مغامرات انتهت جميعها بهزائم واخفاقات. ابتداءً من حرب فيتنام و مرورا بالصومال وأفغانستان والعراق وانتهاءً بحرب اليمن. التي لا تزال تستنزف الاقتصاد الأمريكي المليار تلو الاخر. ما دفع بواشنطن الاعلان  عن قنبلتها  النووية  التي تبلغ قوتها  قنبلة  هيروشيما 24 مرة حفاظاً على ماء الوجه امام نظرائها.

الصين وتأثيرها على المشهد العالمي؟

  اما الصين فلم تعد تلك  الصين  التي كانت تكتفي بفتات الخبز الذي يردها من كبريات المعامل الامريكية والاوربية التي تم نقلها  الى اراضيها لفارق التكلفة . كما انها لم تعد  تلك الصين التي اكتفت بدور هامشي في المشهد السياسي والاقتصادي .فما حكاية نموها العسكري المتسارع والغامض ؟وهل تستعد لحرب ما؟

الصين لم تتخل يوماً عن دورها الهادئ الناعم فيما تبسط سيطرتها على المحيط الهادئ وغير الهادئ. سعت بكل دهاء في ترسيخ نفوذها الإقليمي والدولي، وتوسيع رقعة سيطرتها الاقتصادية والعسكرية، دون ان تحدث اي جلبة او ضجيج .  وخاصة في بحر الصين الجنوبي وتايوان..

فالصين  هي القطب الثالث المنفرد بحد ذاته, تنين هادئ تختفي تحت ثناياه حمم  لم تَقدُم المُناسَبَة المُنَاسِبَة  بعد للإفصاح عن مكنوناته العسكرية. تجارب تحت الأرض, أسلحة ذات قدراتٍ فنتازيا, انفاق  مخفية تحاكي تجربة غزة  التي حيرت العالم. فكيف بامريكا لو كتبت لها مواجهة انفاق الصين؟

اما ما اطلق من تسريبات متعمدة  حول الطائرة  الشبح الصينية فهو امرٌ يسترعي الانتباه!  المقاتلة التي هي   بدون ذيل وذات ثلاثة محركات ، والتي  أطلق عليها المحللون الغربيون اسم  جَي 36  . لا تزال لغزاً  حير ماكنة الصناعة الغربية . الطائرة  التي لم تعترف بها الحكومة الصينية بعد. ما يجده  الخبراء العسكريون سراً عسكرياً و احجيةً حربيةً تحمل في طياتها  ارهاصات خطيرة تهدد   الصناعة العسكرية الامريكية التي تتسيد العالم حتى الان .

  . عكس الروس تماماً الذين استنفذوا كل أسرارهم بل قل معظمها في السنوات الثلاثة الماضية في حربهم امام الاوكران, و التي لا تزال قائمة حتى الان.روسيا دخلت مواجهة مفتوحة مع الغرب بعد غزوها  أوكرانيا في فبراير 2022، في أكبر صدام عسكري تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية..

أوكرانيا ساحة اختبار وبوتن يتهيأ لغزو بلدٍ من الناتو.. !

هل يمكن ان تكون هذه هي  الشرارة التي توقد العالمية الثالثة ؟

الحرب الروسية على أوكرانيا تحوّلت بسرعة من صراع إقليمي إلى أزمة دولية مفتوحة. الغرب يسلّح ويدعم كييف ماليًا وعسكريًا، فيما تصعّد موسكو من خطابها الحربي، ولوّحت مرارًا باستخدام السلاح النووي "إذا اقتضت الضرورة الوجودية . ورغم أن الصراع لا يزال ضمن الحدود الأوكرانية، إلا أن إمكانية "الانفلات" تبقى قائمة، لا سيما في حال تعرضت دولة عضو في حلف الناتو لهجوم مباشر. فها هم الخبراء يحذرون من أن فلاديمير بوتين يستعد لغزو أراضي الناتو ، وقد يحدث ذلك في غضون ستة أشهر.وتأتي هذه المعلومات المقلقة بعد أن أشارت  المخابرات الدنماركية إلى أن موسكو قد تشن هجوما على عضو في حلف شمال الأطلسي في غضون هذه السنة .حيث قال أوليفر مودي ، رئيس مكتب برلين لصحيفة التايمز ، "إذا كنت تصدق المخابرات الدنماركية ، فقد يستغرق الأمر أقل من ستة أشهر ، وفقا لأحدث تقديراتهم."..

.الشرق الأوسط: بؤر مشتعلة وصراعات بالوكالة

في الوقت ذاته، يبقى الشرق الأوسط مسرحًا تقليديًا وخصباً للنزاعات المسلحة والتدخلات الخارجية. التصعيد الأخير في غزة، والتوتر الدائم بين إيران وإسرائيل، واحتمالات الانفجار في لبنان أو سوريا، تشكل جميعها عناصراً هشّةً في بناء السلام الإقليمي. وفي ظل غياب حل جذري للقضية الفلسطينية، وتزايد تدخل القوى الكبرى في شؤون المنطقة، لا يُستبعد أن يتحوّل صراع محلي إلى مواجهة إقليمية واسعة، تكون شرارتها مفتوحة على احتمالات خطيرة. اذا العالم بأسره يخاصم  بعضه البعض, و عجلة التصنيع العسكري في أوجها, لا تبطئها ازمة اقتصادية او ركود.  فالانفاق في اوجه والتطور التقني في تسابق مهول والسلاح النووي فاض عن الحاجة ,اذ  ادلى اخصائيون في مناسبات عدة  ان النووي الذي يمتلكه العالم قادر على إفناء الأرض مرات عدة..

إذاً هل من إرادة دولية لدرء الحرب؟

رغم تصاعد لغة التهديد، لا تزال هناك مؤشرات على أن معظم القوى الكبرى لا ترغب فعليًا في اندلاع حرب شاملة، نظرًا للتكلفة البشرية والاقتصادية الباهظة لمثل هذا السيناريو,فالأسلحة النووية، وإن كانت عنصر ردع، تشكل أيضًا  خيارًا لا يخدم مصالح أحد.

الخلاصة: حرب باردة جديدة هذه السنة. اما بعدها فالرؤية ضبابية ويصعب التكهن بما قد يحدث خصوصاً وان الايام الماضية حملت  في مضاميتها احداث كان من الصعب التنبؤ بيها كاغتيال الامين العام لحزب الله ومغادرة بشار الاسد وتخلي امريكا عن اوكرانيا  وانسحاب  تكتيكي لامريكي من الناتو وموجة الضرائب  التي احدثتها ادارة ترمب ما سبب  تضارباً في اقتصاد العالم. جميعها مؤشرات تدل على ان ما  حدث  ويحدث  في العالم لا ينصاع  لتحليل او تبصر  او حتى ذكاء لتفاديه قبل ان يحدث . فكل ما  يحدث مفاجئ  وغير متوقع . ومع هذا يمكن القول إن العالم يعيش اليوم ما يشبه "بحربٍ باردة معاصرة"، تُدار فيها المعارك عبر الاقتصاد، التكنولوجيا، الحروب بالوكالة، والدبلوماسية الحذرة. ورغم ارتفاع منسوب المخاطر، فإن هناك جملة من العوامل الرادعة التي لا تزال تحول دون الانزلاق نحو حرب عالمية ثالثة. غير أن استمرار التصعيد، وتآكل الثقة في المؤسسات الدولية، وازدياد عسكرة العلاقات الدولية، قد تفتح الباب يومًا ما على ما لا يحمد عقباه... ما لم تستعيد البشرية وعيها التاريخي، وتُعلي صوت العقل فوق ضجيج السلاح/  انتهى

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار