9
يناير
2024
ما أوسع هذه الخيمة ..!! بقلم : الصحفي هادي جلو مرعي / بغداد
نشر منذ 4 شهر - عدد المشاهدات : 163

     سألته عن حاله و أعلم إنه يتقاضى راتباً متواضعاً ، و أعلم إن ثيابه رثة و يعيش في بيئة تخالفه في معتقده و عاداته ، لكنه أجابني كما يجيب مخالفوه عادة : تحت رحمة (أبو خيمة الزرقة) و يعني السماء .. و السماء التي هي فضاء لاحدود و لانهايات له و لون ، و ربما طبعة السواد و البرد تبدو زرقاء اللون في النهار عادة ، و تعود الناس أن يرونها بلون الزرقة ، و ظنها كثير منهم زرقاء ، و هي ليست بزرقاء ، وعاشوا تحتها و تبادلوا الأدوار حتى مضت منهم أجيال ، تلتها أجيال تعاقبت و بقيت تلك الزرقة الموهومة كما هي ، و بقيت تلك الخيمة كما هي زرقة لم تبل كما تبلى خيم البدو و الرحالة و المستكشفين و الباحثين عن الجمال و المتعة في الطبيعة المترامية ، خيمة يستظل بها الجميع و يترنمون بها و يتوسلونها لأنهم يرونها ثابتة ، لم تزعزعها ريح و لاتخللها مطر و لاتكسرت أعمدتها ، بل ظلت راسخة بذات اللون و القوة و الهيبة ، و هي المعبرة عن عظمة الخالق و حضوره و جماله و رحمته .

     تثير هذه الخيمة في الكثير من الأسئلة و التمنيات و تتجلى لي منها أشكال من السمو و الرفعة و الهيبة و السعة ، التي تفسح للجميع أن يعيشوا في ظلها حتى يغادرونها مكرهين في لحظة فارقة ، و هي باقية الى الأبد مثيرة للأسئلة و للحزن و للتعجب و للحيرة و للخوف و للأمل و للإستسلام و اليأس ، ثم ترك الأمور لصاحب الخيمة ليفعل مايشاء و يحكم بما يشاء ، و لتكون كل النهايات بأمره و كما هو أمره الذي لاراد له لأنه قضاء محتوم غير مبروم .

     هذه الخيمة العجيبة تتسع للفقراء و الأغنياء يعيشون سوية في ظلها برغم أن هذا جائع و ذاك ممتليء ، و برغم أن هذا معدم و ذاك يعيش في بحبوحة من الرزق  و برغم أن ذاك يأكل مايجد ، و ذاك يأكل حتى يمل من أصناف الأكل ، وماتشتهيه النفس و يطيب له و يعيش في ظلها القاتل و المقتول ، ذاك يرحل و هذا سيلحق به قتلا أو مرضاً أو بآفة ما تطويه ، و يعيش في ظلها السارق و المسروق و المحتال و المغفل و الطيب و الشرير و القديس و إبليس و الظالم و المظلوم  و الحاكم و المحكوم ، العاقل و المجنون و العالم و الجاهل و السيد و العبد و الحكيم و الأحمق ، و الزاني و اللص و المنافق و النمام و الجلاد و المفتري و الكذاب ، و معه و الى جواره الصادق و الأمين .

كلهم في ظلها و برغم ذلك تجد نظاماً محكماً للحياة و للعيش و الممات و نظاما ، كأنه حاسوب حديث يتجدد و يحدث ذاته بذاته و يسجل الخطايا و الذنوب و الحسنات .

     يالها من خيمة فيها كل شيء نظام للعيش و نظام للموت ، و كل إنسان يعلم ماهو و ماعليه ، و ماله و يعلم أنه راحل دون أن يمنعه ذلك من فعل كل شيء ، قبيح وحسن صالح و طالح ، و النهايات واحدة لكن مابعد النهايات بداية جديدة يكون فيها الوجود الأبدي ، و الصورة النهائية لكل فرد لاتتبدل و لاتتغير إلا بمشيئة الرب ./أنتهى

 

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار