25
ديسمبر
2023
الاختيار .... بقلم / عبدالعظيم حالوب
نشر منذ 4 شهر - عدد المشاهدات : 287

لو سرح خيالنا  قليلا وعاد بذاكرتنا الى الوراء ربما سنخجل من قرارات اتخذت...  ومواقف حزمت .. وخيارات قد عجل بها واخرى  قد ارجأت  , بل وكم من امور قد نسخر  منها الان فيما كنا نشعر  يومها بالفخر   فقد كانت افضلها قرارا وانجعها  مسلكا!

الظريف في الامر اننا نؤمن بهذه الخيارات لحظة اتخاذها  ايمانا مطلقا و يبقى الرضى عنها و على مدار الزمن المحاذي لها  رضا مطلقا    لا نتصور ان ياتي  يوما نندم عليه . ولكن هذا لا يعني ان قراراتنا ليست لها قيمة ولا يعني  اننا غير اهلا للاختيار نحن البشر ,  فهذه  على ما يبدو    قيمة البشر النفيسة التي حبانا  الله بها  عن باقي المخلوقات. فنحن نختار ونحن نندم ونحن نعدل ونضيف وهكذا دواليك ...الانسان في بحث مستمر وقناعات متجدده .

هل غلق المدارس الاسلامية و المساجد هو الحل؟    

 اختيارات الانسان  الفردية  لا تؤثر  عليه  فحسب بل  وعلى محيطه ايضا  فكيف الحال بالقرار الجماعي فهذا   من شانه ان يغير مجتمعات باكملها قد يسقط دولا  ويرفع اخرى. وياتي في مقدمة هذه  القرارات الجماعية  الانتخابات .

    اجريت قبل ايام قلائل انتخابات في العراق وتصادف حدوثها انتخابات مماثلة في هولندا   واسفر عن الانتخابات الاخيرة  فوزا ساحقا لتيار اليمين المتشدد الذي يقوده خيرت فلدرز الذي وضع في جدول اولوياته  غلق المدارس الاسلامية وغلق المساجد  ومنع الحجاب في هولندا   فهذا هو الحل للمشاكل التي تعترض حال البلاد.. هذا حسب قوله  . خيرت فلدرز  لمن لم يتشرف بمعرفته بعد.... واحد من اكثر الشخصيات جدلا في هولندا بل وسائر دول اوربا الغربية . يميني متطرف انتج فيلم" فتنة" العام  2008والذي احدث حينها جلبة لم تهدا حتى يومنا هذا حيث ربط صانع الفيلم احداث الحادي عشر من ايلولسبتمبر وما سبقه ويليه من احداث عنف وارهاب بالقران الكريم والاسلام. خيرت فلدرز من اكثر الاصوات التي نادت بايقاف الهجرة  الى هولندا بل وعمل الممكن لارجاع المقيمين  في هولندا  الى بلدانهم وعلى وجه الخصوص  المسلمين . و رغم ان اصوله هو نفسه ليست هولندية بل  ماليزية ... الا انه تصدق عليه المقولة " ملكي اكثر من الملك " فشعره الاسود قد دأب على صبغه الى الاشقر !  

هذا الفوز المدوي  فوز رئيس حزب اقصى  اليمين  المتشدد فلدرز  يعد حدثا  موجعا   للمواطنين الهولنديين انفسهم ممن يعولون على التيار  اليساري المعتدل  في البرلمان والذي  تضم قاعدته  ايضا شريحة واسعة ممن  ترجع اصولهم الى دول اسيوية وافريقية وعلى وجه الخصوص   المسلمة.  علما ان كل ما قد اسفرت عنه هذه  الانتخابات ان هي الا  نتيجة طبيعية  متوقعة  فرغم  ان تيار اليمين  المتشدد  لا يمثل سوى نسبة ضئيلة  من شرائح المجتمع الهولندي  حسب الاحصائيات الا ان عزوف اليساريين المتكرر  واقبال اليمينيين  المتزايد  على الاشتراك في الانتخابات اسفرت عنه  هذه النتيجة. ان تعداد هولندا يبلغ 17 مليون نسمة ,مليونان  ممن اصولهم غير هولندية اي هم ممن في مرمى القرارات الجديدة  التي سيتخذها اليمن المتطرف المنتصر  حيث كان بالامكان ان تسفر  نتائج الانتخابات امر اخر لو كان نصف هذا العدد قد شارك في الاقتراع بدل تبرمهم الحالي وخيفتهم المتصاعدة ! سلوك اقل ما يمكن وصفه بالتكاسل .      

وهذا ما يحدث تماما لدينا في العراق بغض النظر عن التسمية  او الهوى السياسي  .  فالاحجام عن الانتخاب هو تفويت فرصة طيعة قد  لا تتكرر الا بعد  اربعة سنوات في احسن الاحوال ...  فما ابلغ الفصاحة لدى المنتقد  وما ارشد التصريحات وارجح  الرؤى لديه وما ان ياتي يوم الاقتراع تجده قد اكل  الغراب لسانه . لا يكلف نفسه دقائقا من وقته النفيس للادلاء بصوته ! وتجده اول المشككين بالنتائج   و تجده الهب الحانقين  على الوضع السائد.وهنا لا يقصد من قاطع  الادلاء بقناعة سياسية وبوعي  بل  هؤلاء الذين لا يملكون الارادة  في اداء مشوار قصير من شأنه ان يحسن وضعه ويضمن مستقبله ولكن هذا المشاور من شانه ايضا  ان يقطع  عليه حلقة من مسلسلة تركية او ربما لاتينية بعدما بلغ الحلقة المائة والسبعين واكثر ...

الانتخابات وفن الاختيار 

إن الرضا بنتائج الانتخابات يعتبر مفخرة لمن لم يحصد الاصوات المطلوبة  لاستقرار المجتمع وتعزيز وحدته.  ويتعين عليهم ان يقدموا مصلحة البلد على مصلحتهم الشخصية ، وأن يعكفوا على استخلاص الدروس والعبر  من تلك التجربة لتجوازها  في الانتخابات القادمة . اما الذين قرروا مقاطعة الانتخابات ليس تقاعسا  منهم  بل لاسباب هي موضع تقدير كعدم ثقتهم بالنظام السياسي او شعورهم بالاحباط لما يسفر عنه الوضع الحالي أن يعيدوا النظر في هذا القرار ويفكروا فيه اكثر المرة القادمة كي يمكنهم أن يكونوا جزءًا من التغيير الذي يتطلعون إليه.

الاختيار هو عالم  واسع  بل هو الحياة بحد ذاته فما من سلوك يصدر عنا وبإرادتنا الا  وزج في  خانة الاختيار . و اوعز لنا الله  تعالى ان  نقدر اهمية هذه الامكانية وان لا نفرط بها مهما كانت. للاختيار فن وللاختيار اصول  وللاختيار اطر  تحدد معايير تحقق التوازن بين الرغبات الفردية والمصلحة العامة.| انتهى

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار