29
ديسمبر
2025
ايران والعداء المفتوح .. الصراع الذي لا تفسره الذرة !!!! جعفر محيي الدين _النجف
نشر منذ 2 ساعة - عدد المشاهدات : 56

الحديث عن إيران بوصفها (مشكلة نووية) هو تبسيط متعمد، كما انه تضليل مقصود، لأن التجربة التاريخية والسياسية تقول بوضوح إن امتلاك التكنولوجيا النووية ماكان يوماً سبباً كافياً لإشعال هذا الكم من العداء. دول كثيرة تمتلك السلاح النووي أو القدرة عليه، من الهند وباكستان إلى إسرائيل نفسها، ولم تحاصر كما حوصرت إيران، ولم تستهدف كما استهدفت ايران . المشكلة ليست في الذرة، انما في الموقف وليست في التقنية انما في العقيدة والاتجاه.

كما عبر وزير الخارجية الايراني الاسبق ، محمد ظريف " بان ايران خاضت صراعاً مفتوحاً اعتقدت إسرائيل ومن خلفها أنها قادرة على كسره خلال أيام، لكن حرب الأيام الاثني عشر لم تُسقط الدولة، ولم تنهي النظام، ولم تحقق الأهداف. لأن من بني على فكرة المقاومة لا يهزم بضربة، ومن تشكلت هويته عبر أجيال من الصبر والصدام لا يتفكك بالضغط..

ان التعامل مع إيران بلغة الاحترام يعطي نتائج، أما التهديد فهو لغة جربوا معها كل أدواتها ولم تفلح امام الصمود الايراني، ولهذا فأن العداء الحقيقي لإيران لا ينبع من خوف على العالم، انما من خوف على ميزان القوى. لان إيران اليوم تمثل العمود الذي يستند إليه سقف الشيعة سياسياً ومعنوياً، وهي الدولة الوحيدة التي أعلنت ـ بالفعل لا بالشعارات .

 أن الدفاع عن فلسطين ليس موسمياً ولا خطاباً إعلامياً، انما التزاماً عملياً . حيثما وجد خطر يهدد شيعة المنطقة، أو مشروعا يستهدف فلسطين، وجد الحضور الإيراني، لا بدافع الهيمنة، انما بدافع المسؤولية التي أعدت نفسها لها.

حيث كان الشهيد قاس******م سليمان***ي ليس ظاهرة عسكرية فقط، انما كان تجسيداً لهذه السياسة؛ سياسة ترى أن منع الاعتداء على الفلسطينيين هو دفاع عن جوهر العدالة، لا عن حدود إيران. ولذلك أخطأ من ظن أن المقاومة كانت درعاً لإيران وحدها، فهي ( في منطقها ) درع للمستضعفين، وسد بوجه مشروع يريد شرقاً أوسط بلا فلسطين وبلا شيعة وبلا صوت معترض.

اليوم وفي موقفها من اليمن، تتعمد إيران أن تتكلم باسم الدولة اليمنية لا باسم طائفة أو مذهب، لتؤكد أن دعمها ليس فئوياً ولا مصلحياً، انما نابع من رؤية تعتبر أن مسؤوليتها في الشرق الأوسط هي الوقوف مع الدول المستضعفة التي رفضت الخضوع والتطبيع. كما ان اليمن، بموقفه الصلب، يمثل امتداداً لهذا النهج، وإيران تؤيده وتسانده بوصفه دولة اختارت الاستقلال في القرار. وبهذا تترجم إيران حقيقتها السياسية فهي كما تدافع عن القضية الفلسطينية وتحمي الوجود الشيعي تقف كذلك مع كل دولة ترفض التفريط بالسيادة والكرامة، لتكون هذه الدول أعمدة ثابتة تحت هذا السقف المقاوم.

أما أوهام جون بولتون ومن شاكله، حول منع إيران من امتلاك التكنولوجيا النووية أو إسقاط النظام بالقوة، فهي تشبه { أحلام العصر قبل المغرب }فهو ضجيج بلا أثر. فان التكنولوجيا لا تُقصف، لأنها ليست منشآت فقط، انما عقول والعقول لا تُدمر بالصواريخ. ثم إن هذه التكنولوجيا في إيران ليست مشروع دولة عابرة، انما امتدادا لعقيدة والعقيدة ـ كما التاريخ يثبت ـ لا تموت بالقهر، ولا تنتهي بالحصار، ( ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها )وقد حمّلت إيران نفسها وسع حماية مذهبها ونهجها.

كما نعرف ان الولايات المتحدة، التي لا تُعرف باحترام التعهدات، كانت تدرك أن الاتفاق النووي يخدم مصالحها كما يخدم مصالح إيران، لكنها انسحبت عندما اكتشفت أن المشكلة أعمق من ملف تقني، وأن إيران لم تغير موقعها الأخلاقي والسياسي من فلسطين ولا من معادلة المقاومة. وهنا انكشف الجوهر .. فالمطلوب ليس تفكيك برنامج، انما تفكيك موقف.

بهذا إيران دفعت من دماء كبارها، ومن قادتها ورموزها ثمن هذا الخيار، وقدمت الشهداء دفاعاً عن الشيعة وعن فلسطين، لا من باب القداسة السياسية، وانما من باب الإيمان بأن الصراع بين الحق والباطل. كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام ( إن الجهاد بابٌ من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة ) . وكما قال الإمام الحسين عليه السلام ( ليس من باطل يقوم بإزاء حق إلا غلب الحق الباطل ) وصدق القرآن الكريم  { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق }.

من هنا فإن الحرب على إيران ليست حرباً على دولة، انما على فكرة، والفكرة التي تتجذر في الوعي وتروى بالدم لا تُهزم، انما تؤجل انتصارها فقط. وهذا ما لم يفهمه من ظن أن القصف يغير العقائد، أو أن الضغط يصنع الهزيمة.

 

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار