تشرين في بغداد، الصباح البارد واشتهاء الدفء، ملابس الشتاء تستعيد دورتها وبعض ذكريات وروائح العام الماضي.

‏تشرين بلا مطر. هكذا تبدو الطبيعة خافتة بلا حدث يكسر رتابة بقايا الصيف الناشط عند الظهيرة.

‏تصالح جمالي مدهش بين تشرين والشجر الذي يستيقظ بأوراقه الزاهية واستطالة الأغصان، وذاك الجوري الأحمر والأصفر والوردي تعاود أكمامه بالتفتح ضاحكة بوجه تشرين.

‏لأول البرد نشوة. تشبه أول محطات الوعي، والحب، وأول انتماء، وأول وطن حاضن لأشواقك وقصائد أحلامك.

كنت وحدي في المقهى البيروتي قبالة البحر والمرفأ الحزين، وصوت المغني يصرخ، "شو بيشبهك تشرين "!

‏كان المطر يعطي لتشرين روحه وصورته، صار تشرين جرحاً نازفا، صورة لشهيد وصرخة باللون الأحمر تنادي على وطن صار يبتعد، يبتعد بين غيوم سوداء.