18
يونيو
2020
ثلاث زمالات ودرسان في الصلابة ....بقلم خالد خضير الصالحي/البصرة
نشر منذ Jun 18 20 am30 06:20 AM - عدد المشاهدات : 342

لم أجد أحدا من أصدقائي، مَن اعتقدُ انه خَبَر الواقعَ العملي، ومتطلباته القاسية، كما خَبَرَه جاسم العايف، فكان، برأيي، أكثر الناس عملية، وواقعية، وقد كنت، وما زلت اعتقد انه اكتسب الإيمان به من أيام انتمائه الحزبي السابق، فلم يكن يحلّق أكثر مما تسمح به اجنحتُه، وهذه كانت نقطة قوته الكبيرة، ونقطة تواضعه الاكبر؛ فكان، استنادا لها، لا يتورع أحيانا ان يتخلى عن آمر لا يمكن ان يفكر احد بالتخلي عنه في نفس الظرف، او ان يتمسك بما لا يفكر بالتمسك به غيره.

لقد زاملت جاسم العايف ثلاث زمالات:

الأولى زمالة الصداقة التي كانت عندي اهمها كلها، واستغرقت عمري كله تقريبا.

وكانت الزمالة الثانية، زمالتنا في اتحاد الأدباء في البصرة التي قاربت الثلاثة عقود، وتخللتها حوارات قد نتفق في جزء يسير منها لا يعادل الجزء الظاهر من جبل الجليد، ولكن عزائي فيها، ان الجزء الغاطس من ذلك الجبل ليس سوى صداقتنا التي كانت عندي (الجبل) بما حمل!.

وثالث الزمالات كانت زمالة العمل، في دائرة اتصالات البصرة، والتي استغرقت سنوات طويلة قاربت 42 عاما، كان اقسى ما بقي في ذاكرتي منها، حينما كنت أراه، وهو يخرج مع رجال أجهزة امن النظام السابق، وهم يقتادونه من دائرة الاتصالات الى مديرية امن البصرة التي لم تكن المسافة بينهما تزيد على الثلاثمئة متر، كان يمشي كعادته مطأطئا رأسه، ولكنه كان يبدو لي وكأنه، وقتها، كان يستحضر كل صلابته التي يفتقر جزءا منها الآخرون الذين ساروا في نفس طريق جاسم العايف، بل انه أسس شخصيته استنادا الى صلابته هذه، التي كانت بادية في سماته، كان غالبا ما يطأطئ رأسه وهو يمشي، متفكرا بالحياة وما خبأته لنا في ايامنا القادمة.

كنا ثلاثة جمعتنا الأيام ووجهات النظر: هو، ود. سلمان كاصد وانا، لم أكن أتخيل ان مسافة ستحول بيننا، ولكنها الحياة التي تقرر مصائرنا المتقاطعة، رغم إراداتنا التي نعتقدها صلبة لا تلين، لقد تعلمت من جاسم العايف درسين في الصلابة:

حيا، الهمني الايمان بقدرة الانسان على الصلابة الحديدية في مواجهة الحياة، وتعلمت منه ميتا ان الصلابة يمكن ان تتبدد، وتتبخر، في لحظة وجودية قصيرة.

انه درس وجودي قد لا يجيد تبريره، او اعادة سرده الا قصخون بوزن جاسم العايف!.

 

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار